الدكتور صبحى الجعفري يكتب: ســـحرة فرعــــون

الدكتور صبحى الجعفري يكتب: ســـحرة فرعــــون

من عشاق دنيا الي عشاق الاخرة ، من طلاب دنيا الي زاهدين فيها غير راغبين في المكوث فيها ، من كرسي راغبين في التفرب منه الي رب عظيم أملين في لقاءه ، انها دنيا غريبة  سريعة التحول سبحان الله قصة من دماء  ساخنة تتناثر  قطراتها من صفحات القران الكريم ، رؤس خرجت من اجل الشهرة في الدنيا فنالت شهرة اخري لم تكن في الحسبان انها الشهادة التي سطرت في صفحات خالدة في الذكر الحكيم .

قَالَ لَهُمْ مُوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ﴿61﴾ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ ﴿62﴾ قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴿63﴾ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ ﴿64﴾ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ ﴿65﴾ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿66﴾ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَىٰ﴿67﴾ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَىٰ ﴿68﴾ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿69﴾ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴿70﴾ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ﴿71﴾ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿72﴾ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿73﴾ .

القصة تتلخص في الطريقة التي يواجهة بها قوي الشر امام  قوة الخير مهما كانت قوة الشر من عتاد وبشر وامكانيات الا انها تنحصر تواجدها في مكان ضيق علي الارض مساحة محدودة ليس لها امتداد مكاني او زماني ، ليس لها ظهير الا شيطان رجيم يذهب معهم الي ميدان المواجهة مع قوة الخير ، ولكن حين ينظر الي حقيقة ميدان المواجهة وان المولي عز وجل وملائكته ظاهرين مع اهل الحق  يفر من ميدان المواجهة سريعا خائفا مرتعدا  تاركا اهل الشر قائلا لهم اني اري ما لا ترو ، انها قوة الله عزوجل .

سيدنا موسي ومعه ربه ومن داخلة قوة العقيدة التي تجعله يواجه جميع اهل الشر مهما كان سحرهم ومهما كان معهم من فرعون واهله وما حشر من اهل مصر يقف في الميدان امام الجميع تملاءه قوة العقيدة وقوة الايمان الذي يجلعه يستشعر بالنصر دون ان تبدا المواجهة ، انه الايمان الذي يجعل صاحبة قدمه في الارض وقلبه عند ربه يستمد منه القوة والتأييد ، لايوجد علي الارض قوة تستطيع ان تهزم مؤمن ممتلاء بصحة العقيدة والايمان ، الله غالب ، والله مع المؤمن فكيف ينهزم.!!!! 

لقد كسب سيدنا موسي المعركة قبل ان تبدأ كسبها بكلمة الحق التي خرجت من قلبه الي قلوب السحرة مباشرة فأرجفت قلوبهم وحطمت قساوة نفوسهم بقوله لهم ، لاتفتروا علي الله كذبا انه يقوم بتهيئة القلوب والنفوس حين تري العصا تتحول بقوة الله الي ثعبان بعدم انكار الحقيقة ونفيها والتسليم بقوة الله عز وجل وقدرته علي كل شيء وانه يقول للشيئ كن فيكون والتسليم امام اهل مصر بهذه الحقيقة الواضحة . 

فكانت المعجرة الالهية التي حركت نفوس السحرة وازالت غشاوة العين والعقل وطهرت الجسد من التعلق باهداب الدنيا وجعلتهم في استسلام تام قبل معركة المواجهة وتاكد السحرة  انهم يقفون امام نبي مرسل برسالة حق وليس برجل يخالف الفرعون وينازعه في كرسية او باغي  لا امور تافهة او دنيوية زائلة .   

وبدات المواجهة وكانوا السحرة هم الذين بداوا بإلقاء عصاهم التي تحولت بفعل سحرهم وما فعلوه من خداع للعيون وغياب للعقول انهم حولوا عيون القطيع انهم شاهدوا العصاه تتحرك يمينا ويسارا كانها ثعبان ؟؟؟

وجاء دور سيدنا موسي فثيته الله عز وجل بان يلقي عصاه لا يخاف من شيئ ، انه هو الاعلي فاذا بالعصا تتحول بالفعل الي ثعبان مبين وبنفس السرعة التي تحولت العصا الي ثعبان تتحول نفوس السحرة الي نفوس مؤمنة بالله عز وجل ، لقد شاهدوا الله في العصا التي تحولت . 

انها معجزة الله هو وحده فقط من يحول الجماد الي حيوان هذا ليس سحر هذا هو الله الاحد هذا هو رب موسي وهارون  . 

وتاتي المرحلة الاصعب في القصة مرحلة الدماء التي ستتطاير حول ميدان المعركة و الرؤوس التي شنقت فوق الاعواد والجثث التي علقت حول الاسوار انها المرحلة القصوي التي لابد ان يستعرض الشر قوته علي قوة الخير انه القتل للفئة المؤمنة وكل مراحل التاريخ هكذا تنتهي المواجهة بقتل اهل الخير من قبل الشر 

الشر لايطيق وجود الخير امامة مهما كانت خيرية رسالة الحق وانها جاءت من أجل أهل الشر من أجل ان تفتح لهم مساحات الخير ومساحات الاماكن التي حولهم الا انهم لايطيقون اهل الخير بجانبهم انهم يشعرون انهم المرايا التي ينظرون اليها فيجدوا قبحهم وفسادهم امام عيونهم .

مشكلة أهل الشر الكبري انهم ينطرون الي اهل الخير من دائرة ضيقة وهي دائرة المصالح التي ستتعرض للخطر او التي ستزول  وان مناصبهم سيغادرونها وان النعيم المؤقت المستغرقين فيه سيختفي ويدعم هذا التصور شيطانهم الذي يعشش باوكاره داخل نفوسهم . 

لماذا يكون أهل الشر عنيفا امام اهل الخير وان قوة الشر تكون عنيفة ليس فيها رحمه ولا انسانية رغم انهم يمارسون تلك الانسانية امام ذويهم هذا هو المجال المفتوح لاعمال العقل حتي نستطيع ان نستوعب لماذا يفعل أهل الشر تلك الافعال الغير رحيمة بأهل الخير رغم زوال الدنيا وفنائها .....